إلي أين وصل المالکي في صراعه ضد مجاهدي خلق؟

المالكي

بحزاني – اسراء الزاملي:  التحليلات والتوقعات المختلفة الصادرة عن الکتاب والمحللين المعنيين بالشأن العراقي وأمور وأوضاع المنطقة، تؤکد کلها أن نجم نوري المالکي رئيس الوزراء العراقي في طريقه للأفول.

المالکي الذي برز بعد إزاحة سلفه إبراهيم الجعفري عن کرسي رئاسة الوزراء،حاول منذ الأيام الأولى لتوليه مقاليد الأمور، إمساك الأمور کلها بقبضة حديدية وفرض نفسه کصاحب الأمر کله وجعل الخيارات کلها في يده لوحده، لکنه ومثل کل الطغاة والمستبدين إصطدم منذ اليوم الأول مع المناوئين والرافضين لنهجه وحاولوا بمختلف الطرق وضع حد له ولطموحاته المريبة.

لکن بدلاً من الإذعان والرضوخ للأمر الواقع والإنصات لمنطق الحق والعدل من أقرانه العراقيين، فإن المالكي قد ولى وجهه صوب النظام الإيراني وألقى بکل کراته في سلتهم بل وإنه قد مضى إلى أبعد من ذلك بأن ربط مصيره بمصيرهم من خلال تقديم کل الخدمات الممکنة لهم على حساب مصلحة وأمن وإستقرار العراق نفسه.

لقد إنتهت الولاية الأولى لنوري المالکي بإجماع عراقي على رفضه کما تجسد ذلك في الإنتخابات التي جرت والتي إنتصرت فيها القائمة العراقية بزعامة أياد علاوي، لکن المالکي من خلال تقديم فرض الطاعة للنظام الإيراني بمضيه قدماً وحتى النهاية في طريق مواجهة أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة وتقديمه کل ما بوسعه للنظام الإيراني من أجل القضاء عليهم، فإن طهران قد عملت المستحيل لإعادة فرضه “رهبة ورغبة” على مختلف الفرقاء السياسيين وهي من خلال لعبتها المشبوهة هذه قد سجلت أغرب بادرة في تاريخ الديمقراطية المعاصرة في العالم عندما جعلت المهزوم هو الذي يتولى زمام الأمور في حين يتم إبعاد المنتصر عن حقه في إستلام السلطة والمنصب.

المجازر والکوارث الإنسانية التي حدثت مع سکان معسکر أشرف منذ إبرام التحالف المشبوه بين المالکي والنظام الإيراني، إستمرت بوتيرة تصاعدية حتى وصل الحال إلى إرتکاب جرائم ومجازر يندى لها الجبين الإنساني ضد أناس هم أساساً بمثابة ضيوف العراق وفق الأعراف والقيم المتعارف عليها عربياً وإسلامياً، وهم أيضاً لاجئون سياسيون وفق القانون الدولي.

إن إستحضار مجزرة ٨ أبريل ٢٠١١، التي راح ضحيتها ٣٦ وجرح قرابة ٥٠٠ آخرين من سکان أشرف، وکذلك تعرض مخيم ليبرتي للقصف الصاروخي لثلاثة مرات ذهب ضحيتها ٦ فيما أصيب زهاء ٥٠ آخرين، أما الهجوم الأخير الذي تعرض له معسکر أشرف في الاول من أيلول/سبتمبر الماضي، فقد کان الأعنف والأشد والأقسى إذ ذهب ضحيته ٥٢ فيما تم إختطاف ٧ وأصيب العشرات بجروح، لکن ما الذي جناه المالکي من حصيلة کل هذه الجرائم والإنتهاکات الصارخة ليس للقوانين وإنما للقيم والاعراف الإنسانية والسماوية؟
قضية أشرف وليبرتي، بعد أن کانت منحصرة ضمن نطاق الأراضي العراقية والإيرانية، إکتسبت بعداً دولياً بعد تکرار الإعتدائات والإنتهاکات والجرائم والمجازر من جانب نوري المالکي بحقهم، بل إن الامر قد وصل إلى الإعتراف بهم من قبل أرفع منظمة دولية هي الامم المتحدة بالإضافة إلى الإتحاد الأوروبي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، کما أنها تمخضت أيضاً عن خروج منظمة مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب بعد أن أدرجت فيها لأعوام طويلة على أمل کسب النظام الايراني.

أما الذي قبضه المالکي فهو صدور حکم قضائي بحقه من قبل محکمة إسبانية إستدعته للمثول أمامها مع مجموعة آخرين من المسؤولين العراقيين بسبب مجزرة ٨ أبريل ٢٠١١، والحکم لايزال نافذاً، کما أن المجزرة الأخيرة التي إرکتبها في الأول من أيلول/سبتمبر الماضي فإن الاصوات ترتفع يوماً بعد يوم من أجل محاسبة المسؤولين والمتورطين في فيها وفي مقدمتهم المالکي نفسه.

الأهم من ذلك کله أن أوضاع المالکي لم تعد کالسابق وأن الإحتمالات بشأن عدم بقائه في منصبه أصبحت مؤکدة وأن الحديث عن قرب رحيله بات مطروحاً بقوة، لکن الاهم من ذلك بکثير هو الذي سيحدث بعد ترکه لمنصبه حيث أن مستحقات وحسابات سياسية مختلفة تنتظره من مختلف الأطراف العراقية، وإن ما قدمه من خدمات للنظام الإيراني ضد سکان أشرف وليبرتي، ستکون من ضمن تلك المستحقات.
اسراء الزاملي – ألمانيا

Leave a comment