مرحبا بـعقلانية اللاعب الإيراني وحساباته

http://www.hambastegimeli.com/%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86ايلاف – عزيز الحاج: إيران في كل مكان، وعلى كل لسان، لاعبا ماهرا، شاطرا، يتقن حساباته، ويوقت مناوراته وفق إستراتيجيا التقية. إنها سياسة “عقلانية”، على حد وصف اوباما في حديث صحفي، وهو ما علق عليه مقال لعبد الرحمن الراشد.

أن يكون نظام ما لاعبا نشيطا، إقليميا ودوليا، يجب النظر إليه وفق أهدافه الصريحة والمخفية، وعواقب سياساته، واعتمادا على معايير الديمقراطية وحقوق الإنسان: هل هي شطارة لصالح نشر القيم والممارسات الديمقراطية والإنسانية ومن أجل السلام، أم العكس تماما؟؟

طبيعي أن يكون للأنظمة الشمولية الدموية والعدوانية إستراتيجياتها ومنظومات أفكارها ومخططات تكتيكاتها بحسب الظرف. وقد حدد خميني منذ بداية 1980، وفي خطاب ألقاه نيابة عنه ولده، إستراتيجيا نظامه في ” تصدير الثورة”، وهي في التطبيق كانت تعني، ولا تزال تعني، تصدير التطرف المذهبي والإرهاب، والتعاون والتحالف، حسب المصلحة، مع القوى والأنظمة الدكتاتورية.

نعم، أذرع إيران،  الملطخة بالدم، في سوريا وفي لنبان حزب الله وفي عراق المليشيات الشيعية المسلحة وفي يمن الحوثيين والبحرين ونيجيريا وبلغاريا وأميركا اللاتينية. ونظام الخمينية لم تمنعه الخلافات السياسية المذهبية من التعاون مع القاعدة، هو وشريكه السوري، ومنذ أيام لا غير عاقبت وزارة الخزانة الأميركية ممولا لجبهة النصرة مقيما في إيران. فهل يعقل أن لا يكون خبر ذلك عند الملا اوباما! وأمس تم إلقاء القبض على سفينة صواريخ متقدمة تحت علم بناما موجهة للإرهابيين في غزة عبر العراق والسودان.

ربما الرئيس الأميركي وطاقمه فاتهم الخبر! وإيران حليف قوي للقيصر بوتين، الذي يعطل مجلس الأمن من أجل جزار دمشق، ويعتدي عسكريا على أراضي الآخرين ويقضمها بلا عقاب رادع وسوى عقوبات تخدش ولا تجرح عميقا. وبعد أيام، سيزور دكتاتور فنزويلا الجديد طهران، فيما لا تزال دماء المظاهرين المحتجين في الشوارع تملأ عاصمة بلاده. وبينما كان الرئيس الأميركي قد حدد ستة شهور لعقد الاتفاق النووي النهائي مع إيران، فهاهو يمد المدة إلى عام، ويقول إن التفاوض لا غير هو سبيل حل المعضلة النووية الإيرانية، وإن على جميع العالم أن يوافق على ذلك [أمر سلطاني!]. ونعلم أن الاتفاق المبدئي قد ضحى بعدد من شروط ومطالب مجلس الأمن المعتمدة سابقا، وفي المقدمة حظر التخصيب بالمطلق، وتسليم إيران كل ما لديها من يورانيوم مخصب، ووقف العمل بمنشآت تعمل بالماء الثقيل.

ولكن النظام الإيراني يواصل صنع أجهزة الطرد، ومواقع الماء الثقيل تعمل، وروسيا ستبني محطتين نوويتين جديدتين، وروحاني يعلن، أكثر من مرة، أن الاتفاق لا يعني تفكيكا ولو جزئيا للمشروع، وأن إيران لن توقع على اتفاقية لا تلبي مطالبها ” المشروعة”.
أما داخل إيران، فالإعدامات الجماعية مستمرة، وقد تزايدت مع روحاني، ومحاكم تحكم بجدع الأنف وفقا العيون، وشاب محكوم بالإعدام يضرب أمام الناس حتى الموت ويشنق جسده لمجرد أنه تشبث كل التشبث لكي يعانق أمه قبل الموت. ورجال خامنئي في العراق يعلنون أنهم حاضرون لتقديم اللاجئين من مجاهدي خلق قربانا  للولي الفقيه بعد أن أمعنوا في زملائهم وزميلاتهم في أشرف وليبرتي قتلا وخطفا وعدوانا بالصواريخ ومنعا للأدوية والمقابلات.

أوباما يفرق بين نطرف إسلامي وآخر مع أن التطرف الإسلامي واحد، وبوجهين، والإرهاب الإسلامي واحد وبمذهبيه ومحاربته يجب أن تكون بلا انتقائية ولا تمييز. أما الرئيس الأميركي فيعتبر التطرف ” السني” هو الأخطر، وينظر لإيران كراعية للاعتدال والعقلانية وهي التي تعاقدت مرارا مع القاعدة ” السنية”، ولا تزال تستخدم عناصر قاعدية عند اللزوم وحسب المصلحة..ولا نعرف كيف ينسى الرئيس الأميركي سلسلة عمليات التفجير التي تعرض لها الأميركيون في بيروت والسعودية في الثمانينات، والتي كانت إيران من ورائها؟!! وكيف نسي أن القائد العسكري للقاعدة سيف العدل أقام في إيران سنوات طوالا، ومثله ابو الوليد المصري  والاسلامبولي  وزعيم كتائب عبدالله عزام السعودي، ماجد الماجد، وجعفرالأوزبكي الذي تتهمه الوزارة الأميركية علنا وتعاقبه لاستخدامه الأراضي الإيرانية لتسهيل حركة المقاتلين الجهاديين إلى سوريا ، أي اعتراف بان إيران هي نقطة ترانسيت  لإرسال الأموال والمقاتلين  لدعم القاعدة في سوريا، في لعبة إيرانية معقدة ومزدوجة تبرهن حقا على شطارة اللعب و”الإستراتيجيا”!! وفي بداية فبراير من هذا العام، قال قائد البحرية الإيرانية إن الأسطول الإيراني المتجه للمياه الأميركية يحمل “رسالة”، أي قادرون على ضربكم. وكان هذا بعد الاتفاق النووي، الذي  قالت عنه وكيلة الخارجية الأميركية انه غير مثالي ولكن ” لا نعتبر  الثغرات الموجود فيه ثغرات”!!!وقد علقت على ذلك الكاتبة هدى الحسيني في مقالها  بالشرق الأوسط في شهر فبراير المنصرم.

فإذا كان أوباما يعتبر هذه السياسات عقلانية ومرحبا بها، فهذا شأنه وشأن اللوبي الإيراني العامل ليل نهار في الولايات المتحدة. ولكن الرئيس الفاضل نسي في تصريحاته الأخيرة أنه هو، في الوقت نفسه، يرعى الإخوان المسلمين، أي التطرف والإرهاب الإسلاميين ” السنيين”، فهو يرى إيران والأممية الإخوانية جديرتين بقيادة المنطقة وتستحقان كل مكافأة- كالسلبية تجاه مصر لصالح الإخوان، والإشادة بنظام الفقيه، وتتالي زيارات الوفود الغربية لطهران، وتأجيل وكالة الطاقة لنشر تقرير يؤكد الطابع العسكري للمشروع النووي الإيراني، والحجة عدم التشويش على المفاوضات.

اخبار ايران: مرحبا بـ”عقلانية” اللاعب الإيراني وحساباته

الأسلحة الإيرانية للعراق صفقة العمر .. القصير

undefinedالزمان اللندنية – فاتح عبدالسلام: هذه فضيحة من العيار الثقيل، من الصعب أن يجري تمييعها ولفلفتها كأية قصة كبيرة ما تلبث أن تتحول الى عنوان فرعي لا أحد يمر عليه بعد تحولها الى حقل خصب للمساومات.

كشف صفقة السلاح الإيرانية مع حكومة بغداد في هذا التوقيت يضرب عميقاً في الدلالات التي لا تصب واحدة منها في مصلحة أي من الأطراف الثلاثة العراقي أو الإيراني أو الأمريكي ،في معيار النظر من الخارج الى هذه الفضيحة. لكن هناك عيناً في واشنطن ترى وتختزن وتحلل ولا أستبعد مطلقاً أن تكون هي التي سربت وثائق الصفقة الى الإعلام بهذه الدقة.

فالطرف الإيراني خرق العقوبات الدولية في الباب الأهم وهو تصدير السلاح، الأمر الذي سيحرج الرئيس الأمريكي باراك أوباما الساعي ليل نهار إلى إقناع الكونغرس برفع العقوبات عن إيران وعدم فرض حزمة جديدة منها على طهران التي تبدو قريبة من إتفاق نهائي حول المفاعلات النووية وتخصيب اليورانيوم، وهي فرصة أوباما الوحيدة لإنجاز نصر في إيران من دون الخيار العسكري المكلف وغير المضمون في نتائجه مع دولة كبيرة ومتشعبة مثل إيران. ولا ننسى أن هناك تياراً متشدداً في إيران ليس من مصلحته التوافق مع واشنطن في النووي أو غيره. والطرف العراقي تحدى الأمريكان تحدياً غير متكافيء بتنسيق عقد الصفقة مع إيران في تشرين الثاني الماضي عقب رجوع رئيس الحكومة خالي الوفاض من واشنطن.

 وهي لغةلاتصلح للتعامل مع الأمريكان في كل المجالات لاسيما إذا صدقت الحكومة العراقية وبلعت الطعم في إن واشنطن خرجت منهزمة أمام نفوذ إيران ولن تعود الى المنطقة وقلبها النابض بالأهمية بغداد مهما حدث. أية حكومة في الأرض لا تستطيع تحدي واشنطن التي تترك مساحات فارغة لمن يريد أن يملأها لكن بمزاجها. الجماعات المسلحة غير القانونية هي التي تتحدى أمريكا هنا أو هناك وقد تكون حكومات خلفها ،وانظروا كيف انفتقت الخاصرة الأوكرانية على روسيا التي مدت رجلها أبعد من البساط المعتاد للدوس فوقه في الشرق الأوسط أو حتى في مجلس الأمن. لذلك فإن هناك خللاً كبيراً وليس فضيحة فقط قد حصل في هيكلية إتخاذ القرارات وتحمل تبعاتها في بغداد. وثمة مستفيدون من هذه الورطة في نواحٍ جزئية لا قيمة لها في المعيار الأمريكي كالإنتخابات المقبلة في العراق.

اخبار ايران: الأسلحة الإيرانية للعراق صفقة العمر .. القصير

ليس باسترضاء إيران يستقر الشرق الأوسط؟

ايران-امريكا-المقاومه الايرانيه

الشرق الاوسط اللندنية – هدى الحسيني :  تقول الرواية إن الذئب قال للحمل، ولسبع مرات متتالية، أن يتوقف، وفي النهاية أكله، وكأن الحمل يستطيع أن يؤذي الذئب. رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يطلب من أهل الأنبار طرد «القاعدة» من صفوفهم، وهذا تبرير للقصف الموعود، لأنه إذا كان المالكي قادرا على ذلك، فليقدم هو شرط ألا يطلق النار على النساء والأطفال، وكأن في يد العشائر تنفيذ طلبات المالكي.

هناك ثورة سنّية عراقية ضد ديكتاتورية المالكي، وهذا واقع معروف وموثق، لكن العجب أن تقرر الولايات المتحدة تزويد حكومة المالكي بصواريخ «هيل فاير» وطائرات درونز (ستصل في شهر مارس/ آذار المقبل)، لقتال «القاعدة» و«داعش»، وتعلن إيران عن استعدادها لإرسال قوات (قد تكون فيلق القدس أو لواء الباسيج) لمساعدة المالكي على مواجهة سنة الأنبار، فيرد رجب طيب إردوغان رئيس الوزراء التركي، إذا أرسلت إيران قوات إلى العراق فإن تركيا ستحذو حذوها.

 

في مقاله يوم الجمعة الماضي في صحيفة «الدايلي تلغراف» البريطانية يستشهد دميان طومسون بمقالة كتبها عام 1994 الأميركي روبرت كابلان تحت عنوان «الفوضى الآتية». يقول طومسون: عندما أسترجع رؤية كابلان للمستقبل ينتابني جذع وهلع: سوف يشهد القرن الـ21 اضمحلال الحكومات المركزية وتزايد الصراعات القبلية والإثنية. ويضيف: المشكلة أننا لا نفهم تلك الانقسامات وبالتالي لا نعرف أنها قائمة. ثم يطرح السؤال التالي: كم دولة في حالة حرب مع دولة أخرى في بداية 2014؟ الجواب: لا يوجد. ذلك أن ساحات المعارك تراجعت بشكل كبير، في حين أن المجازر تعود وبقوة للانتقام.

من الذي يلعب بالنار، ومن الذي يساهم في إشعالها في الشرق الأوسط؟

 

في شهر يوليو (تموز) 2012 كلفت وزارة الخارجية الأميركية جايك سوليفان عقد أول لقاء أميركي – إيراني. غادرت هيلاري كلينتون وزارة الخارجية فعمل الرئيس باراك أوباما على ضم سوليفان إلى دائرته الضيقة. وفي شهر مارس الماضي وبعد شهر من تسلمه مهامه في البيت الأبيض توجه سرا برفقة ويليام بيرنز نائب وزير الخارجية الأميركي إلى عمان، حيث كانت بانتظارهما مجموعة من كبار المسؤولين الإيرانيين المتطلعين إلى إذابة التوتر في العلاقات بين البلدين. خلال اتصالاته ولقاءاته مع الإيرانيين ما بين عامي 2012 و2013 ركز سوليفان على إمكانية أن يلتقي الإيرانيون والأميركيون في غرفة واحدة حول قضايا موحدة.

القصة هنا أن الإدارة الأميركية سلمت الملف الإيراني (الذي يشمل كل دول الشرق الأوسط) منذ عام 2012 إلى شاب لم يبلغ السابعة والثلاثين من العمر. أجرى اتصالات ولقاءات مع الإيرانيين في زمن محمود أحمدي نجاد، حيث إن السياسة الأميركية المعلنة آنذاك كانت بعدم الحوار مباشرة مع إيران. قد يكون السياسيون هناك اختاروا سوليفان كي لا يتورطوا، لكن مع انتخاب حسن روحاني ادعت الإدارة الأميركية أنها رأت فيه أملا، لذلك اندفعت نحو الحوار.

 

ثم إن إيران كانت من منعت المالكي من التوقيع على اتفاقية مع واشنطن لإبقاء قوات لها في العراق. وبحوارها مع إيران، عبر سوليفان، وقفت الإدارة الأميركية إلى جانب التطرف الشيعي (أحمدي نجاد).

السنة في العراق ثاروا ضد ظلم المالكي، حتى إياد علاوي ومقتدى الصدر طالبا المالكي بتحقيق مطالب السنّة. رئيس عشيرة الدليم علي حاتم سليمان قال: «لا داعش ولا غير داعش. نحن من يقاتل المالكي. كل السياسيين السنة في العراق صف واحد ضد حكم المالكي المذهبي التعسفي». الحكومة العراقية مكروهة في المناطق السنّية وكذلك حال «القاعدة». الشيخ عبد المالك السعدي رجل الدين السنّي المؤثر اتهم المالكي بأنه جلب المذهبية والفقر إلى العراق، ودعا زعماء العشائر إلى حمل السلاح ضده.

 

في المنطقة لم يعد أحد حياديا، واختيار أميركا إرسال أسلحة إلى حكومة المالكي التي تمد النظام السوري بالميليشيات وتسمح للطائرات الإيرانية المحملة بالأسلحة إليه بعبور أجوائها، يعني أنها اختارت الوقوف إلى جانب التطرف المذهبي، وفي هذه الحالة الشيعي.

ليس معروفا إذا كان هذا القصد صحيحا، لأنه إذا نظرنا إلى الصورة بشكل شامل لا نرى أن أميركا تقف إلى جانب العراق بل إلى جانب فريق المالكي، المدعوم من إيران، وتطرفه. في إيران مثلا تقف إلى جانب المرشد الأعلى خامنئي، وليس إلى جانب حقوق الإنسان الإيراني. في سوريا قامت أميركا بأقل الممكن، صحيح أن الخيار هناك صعب بسبب هجمة المتطرفين، لكن هؤلاء برزوا بعد أن رأوا أن الأميركيين غير مهتمين. في الواقع بدلت أميركا الجانب الذي تقف معه.

كان على الأميركيين أن يقولوا للمالكي ما قالوه للجيش المصري: تحاور مع السنة، يجب أن تكون لديك سياسة تشمل كل أطياف المجتمع. احتَوِهم، أعطهم حقوقهم.

 

هذا ما يقوله الأميركيون لكل الدول. لكن في مصر أوقفوا المساعدات العسكرية، بينما في العراق أمدوا المالكي بها. لم يصدر أي بيان عن الخارجية الأميركية يدعو المالكي إلى تغيير سياسته، بل قال جون كيري وزير الخارجية إن بلاده ستساعد المالكي في مواجهة «القاعدة». لكن ما هي أعداد «القاعدة» مقارنة بأعداد أبناء الأنبار؟ المالكي يقول إنها «القاعدة»، الأميركيون يصدقونه، لكن في الحقيقة أنهم السنة العرب.

 

الكل يحذر من «حرب» سنّية – شيعية، وكأن أميركا بوقوفها إلى جانب المالكي من دون تردد تقف إلى جانب التطرف الشيعي وتساهم في هذه الحرب. إن واشنطن توهم المتطرفين الشيعة أن بإمكانهم تحدي بحر من السنة، وهنا يكمن الخطر واحتمال نشوب حرب دموية طاحنة لأن نسبة 10 في المائة لا يمكن أن تتحدى 90 في المائة، إذا ما وصلنا إلى إندونيسيا وباكستان والهند وأفغانستان… الخ.

في كل هذا تريد أميركا إرضاء إيران على اعتقاد بأن هذا الأمر سيؤدي إلى الاستقرار في الشرق الأوسط، أي إيقاف إيران عن إنتاج القنبلة الذرية. القضية ليست القنبلة بحد ذاتها، إنما السيطرة والنفوذ اللذان تطمح إليهما إيران.

 

هناك من يقول إن أميركا ستدير قريبا ظهرها للشرق الأوسط، هي ستدير ظهرها للجزء السني من هذه المنطقة، وما ستتخلى عنه من نفط خليجي عربي، ستجده في النفط الإيراني. وكأن أوباما يريد من أميركا اليوم أن تكون مختلفة عن أميركا الأمس. يريدها أن تكون على علاقة، وعلى دعم لثورات دون غيرها. مدت يدها لـ«الإخوان المسلمين» تحت تبرير أنهم أفضل من «القاعدة»، مدت يدها لاستمرار ثورة الخميني، وأدارت ظهرها لثورة «الحركة الخضراء» عام 2009، فأكثرية هؤلاء الثوار شباب ليبرالي متحرر يريد الانطلاق من تعقيدات الثورات، ومن الأديان. بنظر الإدارة الأميركية الشعب في إيران هو المرشد الأعلى وليس «الحركة الخضراء»، الشعب بنظرها في مصر هم «الإخوان المسلمون» لا العلمانيون والجيش، وفي طريقها هذا تتخلى عن حلفاء حافظوا على أجندة موالية للغرب، لكنها لم ولن تكسب شيئا، ولن تكون القيادة الإيرانية صديقة للولايات المتحدة، فهذا يتناقض مع مفهوم ثورتها، لكن الإدارة مصرة على الاعتقاد بأنه سيكون لها حلفاء جدد للمساعدة في أفغانستان والعراق وسوريا، وتعتقد أنها بهذا توفر الاستقرار، لكن في إدارة ظهرها للحلفاء السابقين تدفع «القاعدة» و«داعش» كي يبرزوا بوحشية أكثر، فهؤلاء مثل المتطرفين الشيعة يعرفون أن الإدارة الأميركية تتخلى عن حلفائها، وبالتالي يعتقدون أنهم الجواب الذي تبحث عنه هذه الإدارة وليس الاستقرار.

 

اخبار ايران: ليس باسترضاء إيران يستقر الشرق الأوسط؟

العراقيون يدفعون ثمن أخطاء أمريكا وإيران

اخطاء-ايران

الجزيرة السعودية – جاسر عبد العزيز الجاسر: ذهب نوري المالكي إلى واشنطن لتوريط الإدارة الأمريكية في الشأن العراقي، أكثر من الورطة التي أوجدها الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق.

المعروف أن ما كان يسمى بالمعارضة العراقية وعبر السمسار أحمد الجلبي تكفل ديك شني ورامسفيلد في توريط جورج دبليو بوش ووزير خارجيته كولن باول في ارتكاب أكبر جريمة في بداية القرن الواحد والعشرين، سواء كان من الغزو والاحتلال وبعدها تسليم العراق إلى المليشيات والأحزاب الطائفية أو تمكين إيران من فرض نفوذها على هذا البلد العربي من خلال الأحزاب الطائفية التي أنشئت في إيران وتدربت عناصر مليشياتها على أراضيها، وقد مكنت قوات الغزو والاحتلال الأمريكي هذه الأحزاب والمليشيات من دخول العراق برفقة دبابات الغزو ونصب قادة تلك الأحزاب والمليشيات وزراء وحكاماً جدداً للعراق.

وكما ذكر في وقتها فإن أمريكا حاربت في العراق لتسلمه إلى إيران، وبعد المقاومة الضارية للعراقيين العرب وخاصة أهل السنة انحازت أمريكا كلياً إلى الأحزاب الطائفية والمليشيات الشيعية التي اتجهت إلى قتل العراقيين وبمساعدة ودعم من قوات الاحتلال الأمريكي.

واليوم وبعد أن اتضحت الأمور وكشفت إدارة أوباما عن تطابق في التوجهات وحتى في الاستراتيجيات مع نظام إيران بادر نوري المالكي للحصول على دعم أمريكي لتمهيد السبيل لإحكام إيران السيطرة على العراق عبر عملائها من قادة الأحزاب الطائفية.

ومثلما نجح في المرات السابقة في تسويق حزبه «الدعوة» على قيادة التحالف الشيعي لدعم الاحتلال الأمريكي والنفوذ الإيراني، سارع المالكي إلى واشنطن للحصول على دعم أوباما ليجدد له الفترة الثالثة من حكمه الدكتاتوري للعراق، إلا أن المالكي فشل هذه المرة، ولم يوافق الأمريكيون على إعطائه الضوء الأخضر للبقاء في المنطقة الخضراء للمرة الثالثة، ولم يلاق الاهتمام السابق الذي كان يقابل به في زياراته السابقة، حيث تعامل معه الأمريكيون بجفاء وترفع.

وهذا الأمر ليس تعسفاً من إدارة أوباما بل لأن الأمريكيين وجدوا أن «كرت» المالكي قد احترق، وأنه لا يحظى بتأييد جماعته في الأحزاب الطائفية الآخرين، فهو يأتي متأخراً بعد التيار الصدري «مقتدى الصدر» وتكتل المواطن الذي يرأسه «عمار الحكيم» وأن التحالف الوطني الشيعي الذي يضم هذه الأحزاب إضافة إلى تكتل «دولة القانون» الذي يرأسه نوري المالكي لم يعد قائماً.

كما أن إيران لم تعد متحمسة لبقاء نوري المالكي، وبما أن المرحلة الحالية تشهد تنسيقاً حتى وإن لم يُعلن بين واشنطن وطهران، وخاصة فيما يخص بغداد ودمشق فإن واشنطن أدارت ظهرها للمالكي وعاد من واشنطن خائب الرجا بعد أن فشل في إقناع الأمريكيين تزويده بالسلاح لقتل معارضيه وتقوية موقفه أمام حلفائه.

ليعود إلى بغداد ويبدأ في تنفيذ مخطط جديد يعتمد على إشعال الحرب الطائفية بين الشيعة والسنة وإيصال العراق إلى أتون الحرب الأهلية كما حصل في عام 2006، حتى يجبر واشنطن وطهران على السواء للرهان عليه وإبقائه لتنفيذ أجندادتهما. وهكذا عادت حروب القتل على الهوية، ورمي الجثث على قارعة الطريق حتى وصل عدد القتلى في الشهر الواحد إلى أكثر من ألف قتيل، ليدفع العراقيون دماءهم ثمناً لتدخلات أمريكا وإيران وجرائمهما المرتكبة ضد هذا البلد العربي.

يد تصافح والاخرى تتآمر

النووي

المستقبل العربي – سعاد عزيز: من المتوقع أن تنعقد جلسة أخرى من المحادثات النووية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري بين النظام الايراني و مجموعة خمسة زائد واحد في جنيف، ويأتي عقدها بعد إنتهاء الجلسة السابقة التي سبقتها حملة إعلامية ملفتة للنظر اوحت وکأن ثمة إتفاق مهم و حاسم في الطريق لکن و کما يقول المثل؛ تمخض الجبل فولد فأرا، وقد إنتهت تلك الجلسة کسائر الجلسات الاخرى من دون أية نتيجة و بإرجاء الامور الى الجلسة القادمة.

إنفضاض الجلسة الاولى للمحادثات النووية مع النظام الايراني منذ إستلام حسن روحاني لمنصبه کرئيس للجمهورية و ماأثير و يثار عن کونه معتدلا و إصلاحيا و عدم تحقيق أي تقدم ملموس وانما مجرد کلام و وعود و مجاملات ليست لها من أية قيمة إعتبارية على أرض الواقع، يدفع مرة أخرى بالمتحمسين و المندفعين أکثر من اللازم خلف إدعائات روحاني الى إلتزام شئ من التحفظ بل وقد يبادر البعض منهم الى ترك التفاؤل و انتظار ماسيترشح عن المفاوضات القادمة ليقرر في ضوئها موقفه، لکن ومع ذلك لازالت هنالك ثمة حملة”تفاؤلية”و”مخملية” يقودها النظام بنفسه عبر طرق و وسائل و اساليب متباينة الهدف منها إشاعة أجواء خاصة تلقي بظلالها و تأثيراتها على الفريق التفاوضي الغربي بهدف تسجيل هدف في مرماه، خصوصا وانه قد سبق لروحاني أن نجح في الضحك على ذقون الغرب في بدايات اول عقد من هذه الالفية و تباهى بذلك أمام النظام، لکن تصريح وزير الخارجية الفرنسي الاستفزازي أکد بأن من الصعوبة على روحاني أن ينجح هذه المرة في تسجيل هدف في مرمى خصومه، وان اللعب لم يعد کما کان سابقا على الرغم من کل تلك الهالة الوردية التي تضفى على المحادثات.

يوم الاثنين 18 تشرين الثاني/نوفمبر، لم يکن يوما جميلا و مرحب به من جانب النظام الايراني، عندما عاد القيادي في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية مهدي ابريشمجي للظهور مرة أخرى في مؤتمر صحفي بباريس ليکشف النقاب عن موقع نووي سري جديد بإسم”012″، في مدينة مبارکة بإصفهان، وهو مايضع النظام مرة أخرى في دائرة التساؤل و الاستفهام و الشکوك وكشف السيد مهدي ابريشمجي رئيس لجنة السلام في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي في باريس عن أن النظام الايراني و بموازاة المشاريع النووية المكشوف عنها يواصل مشاريعه السرية والغير معلنة موضحا أن هذه المنشأت اما لغرض توسيع المنشآت النووية أو بمثابة مكان آمن لنقل المشروع النووي العلني في الظروف المناسبة.

موقع الأبحاث النووي “012” على شكل نفق يقع في منطقة محصورة بالجبل من ثلاث جهات ومستور بالكامل. ونظرا الى سرية هذا الموقع وحساسية بالغة يخضع لحماية كبيرة جدا إذ انه اضافة الى حماية المعلومات في وزارة الدفاع، ترصده وزارة المخابرات بشكل مباشر أيضا. وکما بين أبريشمجي، فإن العمل على المشروع بدأ في عام 2005 ومرحلة انشاء الأنفاق انتهت في مطلع عام 2009 ومن عام 2009 حتى عام 2012 تم انشاء منشآت لغرض اسناد المنشأه الرئيسية أطراف النفق. وکشف أبريشمجي أن موقع «012» يتعلق بـ «منظمة الأبحاث الدفاعية الحديثة» باسم (SPND) (مركز قيادة صنع السلاح النووي) وهي الجهة المختصة بالتصميم والتوجيه لمشروع التسلح النووي للنظام الايراني. ورئيس (SPND) هو العميد محسن فخري زاده وهو رجل مهم للغاية في مشروع التسلح النووي للنظام الايراني حيث يرتبط مباشرة بوزير الدفاع، مؤکدا بأن المقاومة الايرانية قد سبق وان کشفت عن هوية و عمل محسن فخري زاده‌ في عام 2004، ومنذ ذلك الحين تتابع الوکالة الدولية للطاقة الذرية و تحاول إجراء لقاء معه لکن من دون جدوى لأن النظام لايسمح بإجراء هذا اللقاء.

جدير بالمجتمع الدولي و هو يتلقى اليد اليمنى الممدودة للنظام الايراني للمصافحة و الاتفاق على حل او مخرج لأزمته النووية، أن ينتبه و يأخذ الحذر أيضا من يده اليسرى التي تعمل في السر و الخفاء من أجل الحصول على الاسلحة النووية، وان أي إتفاق مع النظام الايراني من دون تنفيذ كامل لـ6 قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي وبالتحديد وقف كامل التخصيب وقبول البروتكول الاضافي من قبل النظام ، من شأنه ان يکون وسيلة و عاملا مساعدا لتهيئة أکثر من فرصة مناسبة للحصول على الاسلحة النووية.

البهرجة و الصخب الاعلامي و التزويق السياسي و إشاعة أجواء توحي بالثقة و الطمأنينة، هو دأب النظام الايراني في الوقت الحاضر وان مهندس و صاحب هکذا سيناريوهات هو روحاني بجلده و عظمه حيث يبذل کل جهده من أجل جر أقدام المجتمع الدولي الى لعبة جديدة لخداعه مجددا و النصب عليه کما فعل قبل أکثر من عشرة أعوام، ويجب الترکيز على يد روحاني اليسرى و ليست اليمنى الممدودة للمصافحة حيث أن العبرة و المعنى کله في يده اليسرى!

سر رفسنجاني الغريب جدا

روحاني-رفسنجاني

 الغزل الاميرکي مع النظام الايراني، کان حلما بالنسبة لهذا النظام ولاسيما بعد أن تفاقمت أزماته و مشاکله و بات يشعر بالوهن و التراخي في مواجهة الامور و التصدي لها، ولئن کان النظام الايراني في أيام عافيته يعني تماما کل مايقوله ضد واشنطن، فإنه اليوم مضطر أيما إضطرار لکي يضع نفسه في هکذا موقف”لاحس”لمواقفه المبدأية و الايديولوجية السابقة، لکنه و تبعا لتلاعبه بالنصوص الفقهية و إباحة کل الذي يجوز و مالايجوز من أجل بقاءه، يجب الاعتراف بمهارته الکاملة في إستغلال الدين(وليس إستخدامه فقط) من أجل أهداف سياسية محضة لاعلاقة لها بالدين لامن قريب ولامن بعيد.

عودة الرئيس روحاني الى طهران و إستقباله و کأنه قيصر روماني حقق فتوحات و إنتصارات باهرة للشعب الايراني، يمکن إعتباره مفترقا مميزا جدا في تأريخ هذا النظام و يضعه أمام بداية مرحلة بالغة الحساسية، حيث إما يصبح أردوغانا آخرا للغرب او انه يلقي بکل کراته في السلة الغربية و إنتظار الفرمانات و الاوامر الصادرة إليه من هناك في مواجهة أية تطورات او تغييرات، تماما کما حدث مع نظام الشاه محمد رضا بهلوي.

رد جناح المحافظين(المحدود)و(المقنن)، ضد زيارة روحاني و ماتداعى عنها، يثبت و بصورة تامة أنه قد ذهب الى نيويورك بناء على توجيهات خاصة من خامنئي نفسه، وان عملية ذهابه لم تکن مجرد زيارة عقائدية کما کان يفعل سلفه نجاد، وانما کانت زيارة إستعراضية حيث عرض روحاني”من حيث المبدأ”، مالذي يمکن أن يجدوه في جعبته مستقبلا شريطة إبعاد سيف ديموقليس أي العقوبات الاقتصادية القاسية عن رأس النظام و بالتالي عودة شئ من الامن و الاطمئنان و الثقة الى جبهته الداخلية المهتزة حاليا أقوى إهتزاز.

نجاح رئيس الجمهورية في الامم المتحدة نصر الهي! هذا ماقاله هاشمي رفسنجاني بخصوص زيارة روحاني لنيويورك، وهو کلام لم يطلقه العمود الرئيسي الثاني للنظام الايراني إعتباطا، وانما لغاية تصول و تجول في أعماقه و يجد أن فرصتها قد باتت مواتية في هذه المرحلة الحرجة و الحساسة من تأريخ نظامه و المنطقة برمتها، والملفت للنظر ان رفسنجاني يحاول العبث و اللعب بالحقائق و ليس الکلمات فقط عندما يقول في إشادة مقصودة من أجل هدف يضمره في نفسه:(نرى أن السيد اوباما عندما يطلب من رئيس جمهوريتنا اللقاء، لکن رئيس جمهوريتنا يقول بأن وقت ذلك لم يحن بعد و دع حتى يتم تنفيد الامور المطلوبة لهذا اللقاء.)، لکن و الحق الذي يجب أن يقال و يعلمه رفسنجاني قبل غيره جيدا بأن اوباما لم يطلب لقاءا من روحاني بل أن الاخير کان متلهفا و متهافتا عليها، لکن لعب و عبث رفسنجاني بالحقيقة هنا يمکن ربطه لما جاء من کلام آخر”غريب من نوعه” في سياق خطابه هذا، إذ أن رفسنجاني الذي تحدث بإسهاب عن فترة الحرب العراقية الايرانية و سلط الاضواء على دوره المحوري فيها و کذلك علاقته الخاصة بخميني نفسه، أزاح الستارة مرة أخرى عن دوره في عملية إقناع خميني بوقف إطلاق النار و التي کان الاخير يرفضها جملة و تفصيلا وهو القائل:(لامعنى للسلام بين الاسلام و الکفر)، لکن و بعد أن وافق أخيرا و إعتبر موافقته بمثابة إجتراع کأس من السم، فإن رفسنجاني يذيع سرا غريبا من أمره عندما يذکر بأن خميني و بعد فترة قال لي:( رغم أن کأس السم في تلك الفترة کان مرا، لکنه اليوم کالشهد لأننا أنجزنا عملنا على أفضل مايکون.)، خميني يناقض نفسه!

هذا هو تماما معنى هذا الکلام و خلاصة تفسيره، لکن رفسنجاني الذي لايتکلم إعتباطا و ليس من النوع الذي يلقي الکلام على عواهنه فإنه و عندما يکشف النقاب فجأة عن هکذا سر”غريب”، فإن الامر مرتبط کما نرى بزيارة روحاني لنيويورك المهمة الحاسمة التي ذهب من أجلها، إذ ان من الواضح أن مربط الفرس في مسك ختام أي مفاوضات أمريکية إيرانية حاسمة ستکون عند الخيمة النووية للنظام والتي يعلم رفسنجاني و النظام کله أن اوباما او أي رئيس آخر يريدها کلها أي الجمل بما حمل، ومن هنا فإن خطاب رفسنجاني من إذاعة هذا السر هو خامنئي نفسه، إذ انه يدعوه لتجرع کأس سم ثاني يصبح فيما بعد شهدا، لکن قطعا فإنه من الواضح أن خامنئي غير خميني، وان إقدام خامنئي على مثل هذه الخطوة ستکون کما لو أن يقوم أحدهم بالمقامرة في لحظة يأس بکل مايملك على حصان آماله بالفوز معدومة او قليلة جدا في أفضل الاحوال.

إيران.. النمر الطليق

ايران

الشرق الاوسط اللندنية – عبد الرحمن الراشد :  لن يفاوض أحد الفريق الإيراني حول وقف الفوضى التي تحدثها إيران في المنطقة منذ ثلاثين عاما، ولم تتوقف. كل الحديث في إطار منع السلاح النووي، وحتى هذا لن يفلح بشكل أكيد.

إيران دولة مدمنة على المعارك، وبقاء نظامها يقوم حتى آخر حرب تستطيع خوضها أو تمويلها. فهي، التي استخدمت الأسلحة التقليدية في إدارة حروب عبثية، لن تتورع عن استخدام السلاح النووي في لحظة ما. وعلى الرغم من الهزء الذي يسخر به كثيرون من هذا الاحتمال، معللين ذلك بأن إيران أذكى من أن ترتكب مثل هذه الحماقة النووية، وأنه لا أحد فعلها منذ الحرب العالمية الثانية،

علينا أن نتذكر أننا في عالم حقيقي لا يكفيه التنظير الأكاديمي. العالم سكت عن نووية الهند وباكستان لأنه ليس للبلدين سجل عنف خارجي يخشى منه.

عندما سئل أحد المسؤولين الأميركيين، لماذا فشلوا في مواجهة هجمات «القاعدة» في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 قال لم يخطر ببال أحد أن تذهب «القاعدة» بعيدا، وتعبر المحيط الأطلسي. دمرت ناطحتي سحاب، ومبنى البنتاغون، وخططت لتدمير البيت الأبيض ومبنى الكونغرس. في رأيي، لا يوجد فارق كبير بين تفكير قيادة «القاعدة» وبعض قيادات النظام في طهران. نفس الدوافع الدينية المتطرفة، من الذهاب إلى الجنة عند الأولى، والإعداد لظهور المهدي المنتظر عند الثانية. ما الذي يجعل الضغط على زر القنبلة النووية عملا مستبعدا؟ أتحدى أن يجزم أحد باستحالته، مدركين طبيعة النظام الذي يقوم على المعارك الخارجية.

لسنا أمام اختبار نظري، إيران اليوم هي نقطة ارتكاز العنف العالمي، بسجل دموي دام ثلاثة عقود، الذي لا حدود له نوعا وكما. بلغت نشاطاتها الفلبين شرقا، وحتى الأرجنتين غربا. فهي، رغم الحصار، والتململ الاجتماعي، والاقتصادي، عمليا تنشط في حروب مباشرة، أو بالوكالة، في الخليج والعراق وسوريا ولبنان واليمن والسودان ونيجيريا، وغيرها. هذا ما يجعلنا نستغرب أن تصدق الإدارة الأميركية نفس النظام الذي سبق وغرر بالإدارات السابقة منذ التسعينات، وفي كل مرة يدعي الإيرانيون أنهم ملتزمون وصادقون يكتشف العالم مخبأ آخر تحت الأرض لتنفيذ عملياتها النووية.

الآن بفضل التفاوض مع إيران نحن أمام احتمالين؛ تمكين آية الله من سلاح نووي، نتيجة تباطؤ الإدارة الأميركية في تنفيذ تهديدها بقصف المشروع النووي، والثاني، إيران بلا سلاح نووي، لكن سيتم إطلاق سراحها، لتصبح خارج الرقابة والقيود الدولية التي خضعت لها على مدى السنوات الماضية، لتكون أكثر عنفا.

في رأيي، كلاهما خياران أحلاهما مر. والنتيجة أن إيران ستعتمد بشكل أكبر على العنف والحروب. كان هدف الضغط على طهران تغيير سلوك النظام سواء بسلاح نووي أو تقليدي. ولقد قطعت العقوبات مسافة بعيدة في الضغط على القيادة الإيرانية التي لم تعد تستطيع أن تنتج أو تبيع أو تنشط خرابا في أنحاء العالم، الحصار دفعها للتفاوض ليس للتغيير المطلوب، بل ما يكفي لإرضاء إدارة الرئيس باراك أوباما، التي تعتقد أنها ستحصل على وقف التخصيب، دون حساب بقية الاحتمالات. بعدها ستبقى إيران نمرا طليقا يحدث الكثير من الفوضى والرعب.

اي اتفاق مع ايران بدون وقف التخصيب وقبول البروتوكول بلا جدوى

 نووي ايران

أي اتفاق مع الملالي الحاكمين سيمنح لهم المزيد من الفرص للحصول على القنبلة النووية
في الأزمة النووية الحالية أي اتفاق يحصل بين المجتمع الدولي ونظام الملالي بدون وقف كامل لتخصيب اليورانيوم واغلاق كامل لموقع أراك للماء الثقيل وقبول البروتكول الاضافي والوصول الحر ودون أي مانع للوكالة الدولية للطاقة الذرية الى جميع المواقع وخبراء النظام الذين تم تغييبهم من وصول الوكالة اليهم طيلة هذه السنوات، سيمنح المزيد من الفرص للفاشية الدينية الحاكمة في ايران للحصول على القنبلة النووية.

كما ان هذه الخطوات يجب أن تشمل وقف انتاج أجهزة للطرد المركزي ونصبها وتحويل اليورانيوم المخصب الى الخارج أو جعله عنصرا عديم الاستخدام في القنبلة النووية. أي شيء أقل من هذا الاقدام ليس «قابلا للتثبت» ولا «شفافا».

11 عاما بعد الكشف عن مواقع نطنز وأراك من قبل المقاومة الايرانية في آب/أغسطس2002 فان نظام الملالي لم يشعر الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال هذه المدة طوعيا حتى بموقع واحد أو مشروع نووي بل أذعن به على مضض فقط وذلك بعد الكشف عنه من قبل المقاومة الايرانية أو اكتشافه من قبل الوكالة الدولية وبعد عراقيل وأعمال تمويه عديدة وبعد تأخير كبير.

لقد كشفت المقاومة الايرانية خلال الأشهر الأخيرة عن موقع جديد وسري للغاية في منطقة دماوند باسم «معدن شرق» كما كشفت عن أن الملالي يعملون على قدم وساق على نقل منظمة الأبحاث الدفاعية الحديثة (سبند) الى موقع سري جديد في طهران. فهذه المنظمة تشكل مركزا للأبحاث والتصميم لجزء من التسلح النووي للملالي، الواقع الذي يكشف عن مساعي الملالي للتستر على نشاطاته للحصول على السلاح النووي.

جدير ذكره أن في عامي 2003و2004 حيث توصلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا الى اتفاق مع النظام بشأن تعليق البرنامج النووي للنظام الا أن الأخير قد استغل هذه الفرصة بكل دجل وخدعة ليكمل جوانب مختلفة من مشروعه النووي السري للحصول على السلاح النووي. الأمر الذي  يتباهى به علنيا وصراحة الملا روحاني الذي كان في حينه يتولى رئاسة المفاوضات من جانب النظام الايراني. انه وفي مقابلة أجراها معه التلفزيون الحكومي في 28 أيار/ مايس 2013 بشأن اتفاق النظام مع الترويكا الاوربية على تعليق التخصيب النووي أكد قائلا: «اننا أكملنا…اننا أجرينا مفاوضات طهران في تموز/يوليو 2003. هل تعلمون أن يو سي اف تم افتتاحه في عام 2004؟! هل تعلمون متى تم استخراج الكعكعة الصفراء؟! في شتاء 2004. هل اننا أوقفنا؟! كلا. اننا أكملنا». علي خامنئي مرشد النظام هو الآخر قد أشار في كلمته في 3 تشرين الثاني/نوفمبر الى الاتفاقات التي حصلت في ذلك العهد وأكد قائلا «التجربة التي حصلت في مجال تعليق التخصيب في عامي 2003 و2004 ، حيث قبلت الجمهورية الاسلامية آنذاك في المفاوضات مع هؤلاء الأوربيين تعليق التخصيب لمدة ما، طيب اننا تأخرنا لمدة عامين ولكن انتهى ذلك لصالحنا».